السعودية تواجه خطر كبير وكلمة السر في الخصوبة

السعودية تواجه خطر كبير وكلمة السر في الخصوبة
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية تحديًا ديموغرافيًا كبيرًا يتمثل في انخفاض معدل الخصوبة الإجمالي بشكل تدريجي. هذا الانخفاض يثير قلق الحكومة والمجتمع السعودي على حد سواء، حيث يشكل خطرًا محتملاً على النمو السكاني والاقتصادي في البلاد. تشير الإحصائيات الحالية إلى أن معدل الخصوبة الإجمالي بلغ 2.1 طفل لكل امرأة في 2025، مما يعادل مستوى الإحلال السكاني. رغم ذلك، تشير التوقعات إلى احتمال انخفاض هذا المعدل إلى أقل من الإحلال بحلول منتصف القرن، ما لم يتم اتخاذ تدابير تصحيحية فعالة.

على مر السنوات الماضية، شهد معدل الخصوبة الكلي عند السعوديات انخفاضًا ملموسًا من 3.8 طفل لكل امرأة في عام 2011 إلى 2.7 في 2024. يعتبر هذا التغيير الجذري جزءًا من التحول الديموغرافي الأوسع الذي تشهده البلاد، والذي يعزى إلى عدة عوامل من ضمنها تحسين مستوى التعليم وزيادة دور المرأة في سوق العمل.

الأرقام والإحصاءات تشير إلى مسارات متعددة

تعتمد السيناريوهات المستقبلية على تقديرات الأمم المتحدة وتعداد السكان والمعطيات المقدمة من برنامج Spectrum. في السيناريو المنخفض، يتوقع انخفاض معدل الخصوبة إلى 1.36، مما يؤدي إلى تقلص فئة السكان تحت سن 15 عامًا وزيادة نسبة كبار السن إلى 14% من السكان. في هذا السيناريو تحديدًا، ستكون هناك ضغوط كبيرة على قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية نتيجة لارتفاع نسبة السكان المسنين.

في المقابل، يوضح السيناريو المتوسط تراجعًا أقل حدة في معدل الخصوبة إلى 1.86، مما يمنح الدولة مزيدًا من الوقت للتكيف مع التحولات السكانية، بينما يعكس السيناريو المرتفع مستويات خصوبة مستقرة نوعًا ما، مما يضمن استقرارًا في البنية العمرية للمجتمع.

أسباب التراجع وتأثيره على المجتمع

ترتبط التغيرات الديموغرافية أيضًا بتحسينات اقتصادية ملحوظة. فقد أدى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى تغييرات اجتماعية عميقة، تتجلى في انخفاض معدل المواليد على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما أسهمت إجراءات تحسين التعليم وزيادة نسبة التوظيف بين النساء في تأخير الزواج وزيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة.

تشير الإحصاءات إلى أن 74.9% من النساء السعوديات يقررن استخدام وسائل تنظيم الأسرة بأنفسهن أو بالتعاون مع الشريك، بينما يتحكم 89.8% من النساء في قراراتهن الصحية، وهو ما يعكس توجهًا نحو تمكين المرأة ضمن إطار رؤية المملكة 2030.

تحركات حكومية لمواجهة التحديات

استجابةً لهذه التحديات، تبنت الحكومة السعودية عددًا من السياسات للتشجيع على الإنجاب، بما في ذلك تقديم حوافز للزواج، ومساعدات مالية، وتحسين خدمات رعاية الأطفال. كما تم تمديد إجازات الأمومة والأبوة بهدف دعم الأسر وتشجيع النمو السكاني.

وبالإضافة إلى هذه الإجراءات، حذر مركز الدراسات السكانية بجامعة الملك سعود من ضرورة التخطيط الاستراتيجي لمواجهة تحديات الشيخوخة، خاصة في القطاع الصحي، مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع للسكان. ولا يزال العمل الإحصائي واستخدام البيانات الديموغرافية أمرًا حاسمًا لتحقيق أهداف رؤية 2030 والمساعدة في صياغة سياسات فعالة تلبي احتياجات الأجيال القادمة.

في الختام، تعتبر القدرة على التكيف مع التحولات الديموغرافية الحادة أمرًا ضروريًا لضمان مستقبل مزدهر ومستدام للمملكة. تحتاج السياسات الحكومية إلى الاستمرار في التكيف مع الديناميات السكانية المتغيرة، مع الحفاظ على التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية في إطار رؤية 2030.