تراجع حاد في أسهم الشركات العاملة في القطاع الطبي في السعودية وبيت خبرة كبير يكشف السبب والى متى يستمر التراجع

تراجع حاد في أسهم الشركات العاملة في القطاع الطبي في السعودية
  • آخر تحديث

شهدت سوق الأسهم السعودية حالة من التذبذب والارتباك خلال الأيام الماضية، نتيجة لتصريحات متناقضة صدرت من مسؤولين في هيئة السوق المالية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على نفسية المستثمرين وحركة التداول.

تراجع حاد في أسهم الشركات العاملة في القطاع الطبي في السعودية

فقد تفاعلت الأسواق بشكل قوي عقب تداول أنباء عن نية الهيئة فتح ملكية الشركات المدرجة أمام المستثمرين الأجانب بشكل أوسع، ما أدى إلى موجة ارتفاعات حادة في العديد من القطاعات، قبل أن تعود المؤشرات إلى الهبوط بعد صدور توضيح رسمي من رئيس الهيئة بأن الموضوع لا يزال قيد الدراسة ولن يُبت فيه قبل عام 2026.

هذا التباين في الرسائل الرسمية أعاد إلى الواجهة تساؤلات المستثمرين حول وضوح السياسات المالية ومدى ثباتها، خاصة في سوق يعد الأكبر في المنطقة من حيث القيمة السوقية والسيولة.

تصريحات أولية تشعل التفاؤل

البداية كانت مع تسريبات منسوبة لأحد أعضاء مجلس إدارة هيئة السوق المالية، الذي ألمح إلى وجود خطة قريبة لفتح الباب بشكل أوسع أمام المستثمرين الأجانب للدخول في السوق السعودي. الخبر انتشر سريعا عبر وسائل الإعلام والمنصات الاقتصادية، ما أثار موجة من التفاؤل دفعت المؤشر العام إلى تسجيل ارتفاعات قوية خلال الجلسة التالية مباشرة، مع زيادة ملحوظة في أحجام التداول، خصوصا في أسهم الشركات الكبرى المدرجة ضمن مؤشر "تداول 100".

المحللون أشاروا حينها إلى أن خطوة من هذا النوع تمثل تطور استراتيجي مهم، يمكن أن يعزز مكانة السوق السعودية على المستوى العالمي ويجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن فرص استثمارية في منطقة الشرق الأوسط.

نفي لاحق يربك المتعاملين

لكن موجة التفاؤل لم تدم طويلاً، إذ خرج رئيس هيئة السوق المالية محمد القويز بتصريح أوضح فيه أن قرار فتح الملكية أمام الأجانب بشكل أوسع لا يزال محل دراسة، وأن أي قرار نهائي بهذا الشأن لن يتخذ قبل عام 2026 على الأقل.

هذا التصريح بدد حماس المستثمرين، وأدى إلى تراجع المؤشر العام بنسبة ملحوظة، وسط عمليات بيع سريعة لتصحيح الأسعار التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه خلال الأيام السابقة.

ويرى مراقبون أن مثل هذا التباين في المواقف الرسمية يؤثر على مصداقية الخطاب المالي ويزرع حالة من الحذر بين المستثمرين، خصوصا الأجانب منهم الذين يعتمدون بشكل كبير على وضوح السياسات واستقرارها قبل ضخ أموالهم في الأسواق الناشئة.

تضارب التصريحات أضعف الثقة وأثر على شهية المستثمرين

من جانبه، أوضح مدير مركز زاد للاستشارات حسين الرقيب أن هذه التصريحات المتضاربة كانت أحد الأسباب الرئيسية في تراجع شهية المستثمرين نحو الشراء خلال الأيام الأخيرة.

وقال الرقيب إن المستثمرين يبحثون دائما عن وضوح الرؤية واستقرار القرارات الاقتصادية، وإن أي تضارب أو غموض في التصريحات الرسمية ينعكس فورا على سلوك السوق.

وأضاف أن الأسواق المالية بطبيعتها حساسة جدا تجاه الأخبار، خصوصا تلك المتعلقة بالسياسات التنظيمية، مشير إلى أن التناقض بين تصريحات أعضاء الهيئة ورئيسها أحدث نوع من الارتباك الذي كان يمكن تجنبه بالتنسيق المسبق في الخطاب الإعلامي.

تراجع مبرر في أسهم القطاع الصحي

وفي جانب آخر، تطرق الرقيب إلى أداء أسهم القطاع الصحي التي شهدت تراجعات ملحوظة خلال الجلسات الأخيرة، مؤكد أن هذا الانخفاض مبرر من الناحية الاقتصادية.

وبين أن شركات القطاع دخلت في موجة توسع كبيرة خلال الفترة الماضية، سواء عبر افتتاح مستشفيات جديدة أو زيادة الطاقة الاستيعابية في المراكز الطبية، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية على المدى القصير.

وأوضح أن هذه التوسعات ستنعكس إيجابا في المستقبل القريب مع ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية في المملكة، خصوصا في ظل النمو السكاني والإصلاحات المستمرة في قطاع الرعاية الصحية ضمن رؤية السعودية 2030.

الحاجة إلى خطاب موحد وواضح

يرى محللون أن ما حدث يمثل درس مهم حول أهمية التنسيق الإعلامي بين الجهات التنظيمية والرقابية، لضمان وصول رسائل موحدة إلى السوق والمستثمرين.

فالتباين في التصريحات، حتى وإن كان غير مقصود، يمكن أن يؤدي إلى تقلبات حادة تضر بثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

ويؤكد المراقبون أن وضوح الرؤية والشفافية في الطرح هما ركيزتان أساسيتان لاستمرار جذب الاستثمارات إلى السوق السعودي، خاصة مع اقتراب تنفيذ عدد من المشاريع الوطنية الضخمة التي تتطلب استقرار في البيئة الاستثمارية.

الأحداث الأخيرة أظهرت مدى حساسية سوق الأسهم السعودية تجاه التصريحات الرسمية ومدى تأثيرها الفوري على حركة التداول.

وبينما يؤكد الخبراء أن أساسيات السوق لا تزال قوية، تبقى الحاجة ملحة لتوحيد الخطاب الرسمي وتعزيز الثقة لدى المستثمرين عبر وضوح القرارات وتناسقها.

فالسوق السعودي، بما يملكه من عمق وسيولة، مرشح للاستفادة من الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، بشرط أن تبقى السياسات متزنة ومتصلة برؤية واضحة ومستقرة.